للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى ابن حمدان وأبو يعلى من الحنابلة قولًا رابعًا: وهو التفصيل بين أن تدل قرينة فيكون حُجة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعلت لي الأرض مسجدًا وتربتها طهورًا" (١)، إذْ قرينة الامتنان تدل على الحصر فيه، أوْ لا فلا.

وقريب من هذا قول الغزالي في "المنخول": (إنه حُجة مع قرائن الأحوال) (٢).

وينبغي أن يُعد من ذلك ما وقع لأصحابنا في مواضع من الاحتجاج بمفهوم اللقب، كاستدلالهم بحديث: "حتيه ثم اقرصيه بالماء" (٣)، وبحديث: "وتربتها طهورًا" على تَعَيُّن ذلك، لكن نَفْي ما سواه ليس من حيث الحكم بالاسم فقط، بل للانتقال من العام إلى الخاص، فإنه يدل على تَقَيُّد الحكم به، فلما ترك مطلق المائع وأتى بالماء وترك الأرض وأتى بالتراب، دَلَّ على الاختصاص، فلا يخرج عن عهدة الأمر إلا بامتثال الخاص. كذا قرره ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام"

قلتُ: مَن تأمل ذلك يجده لا يخرج عن اعتبار مفهوم اللقب.

نعم، أشار ابن دقيق العيد إلى التحقيق في المسألة، وهو أن يقال: إن اللقب ليس بحجة إذا لم يوجد فيه رائحة التعليل، فإنْ وُجدت، كان حجة.

قال: كما في قوله: "إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها" (٤)، يُحتج به على أن الرجُل يمنع امرأته من الخروج إلا بإذنه؛ لأجل تخصيص النهي بالخروج للمسجد، فإنه يقتضي المنع من الخروج لغير المسجد، ولا يقال: إنه مفهوم لقب؛ لِمَا في المسجد من المعنى


(١) صحيح مسلم (رقم: ٥٢٢).
(٢) المنخول (ص ٢١٧).
(٣) صحيح البخاري (رقم: ٢٢٥)، صحيح مسلم (رقم: ٢٩١) بلفظ: (تحتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ).
(٤) صحيح البخاري (رقم: ٤٩٤٠)، صحيح مسلم (رقم: ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>