إنَّ مَن ساد ثُم ساد أبُوه ... ثُم ساد قبل ذلك جده
فهو ترتيب في الإخبار، لا في الوجود.
واعلم أنه في "جمع الجوامع" نقل المخالفة في الترتيب عن العبادي فقط، وهو مع قصوره وَهْم على العبادي تبع فيه والده في "فتاويه" وغيره من المتأخرين، فنقلوا عنه في نحو:"وقفت هذا على زيد ثم على أولاده ثم أولاد أولاده" أنه يشترك الكل.
وأنكروه حتى قال ابن أبي الدم في "أدب القضاء": إن هذا زلة من كبير.
وقال الشيخ تقي الدين: لعل مأخذه أن "وقفت" إنشاء، [فلا](١) مدخل للترتيب فيه، نحو: بِعْتُ هذا ثم هذا.
لكن العبادي إنما قاله في صورة ما لو زاد على التصوير المذكور بطنًا بعد بطن كما نقله عنه القاضي حسين في كتاب "الوقف" بناء عنده على أن هذا يقتضي التسوية، فهو ينافي معنى "ثم"، فيرجع إلى أصل الاشتراك؛ حملًا على السداد، لا لكون "ثم" ليست للترتيب، فهو كما لو قال:(له عَلَيَّ درهم ثم درهم)، يَلْزمه درهمان؛ لأن الترتيب لا معنى له، فهو هنا جمع كالواو.
قلتُ: قولهم (يقتضي عنده التسوية) يُنَبِّه على أن لفظ "بطنًا بعد بطن" عند غيره يقتضي الترتيب أيضًا، فهو موافق لمعنى "ثُم"، لا مخرج لها عن الترتيب، بل لو كان العطف بالواو وزاد قوله بعد ذلك:(بطنًا بعد بطن)، كان للترتيب، خِلافًا للبغوي، ووافقه عليه في "المحرر" و"المنهاج".
والمختار ما سبق؛ لأن لفظ "بعد" يُشعر بالترتيب قطعًا، وذِكر "بعد" للوجود، لا