للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تنبيه:

جَعْل التعقيب في "الفاء" العاطفة يقتضي أن "الفاء" المجاب بها الشرط لا تعقيب فيها؛ لأن انعقاد السببية في الشرط والجزاء يُغْني عن ذلك. وقد صرح القاضي في "التقريب" بأن "الفاء" لا تقتضي التعقيب في الأجوبة؛ فرارًا من مذهب المعتزلة في أن الكلام حروف وأصوات، فقالوا في قوله تعالى: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: ١١٧]: إن الكلام عندهم القديم هو الكاف والنون، فإذا تعقبه الكائن فإما أن يؤدي إلى قِدم الحادث أو حَدث القديم.

ومن معاني "الفاء" أيضًا السببية، وهو معنى قولي في البيت الآتي: (وَلتَسَبُّبٍ).

مثاله قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: ٣٧]، {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} [الواقعة: ٥٢، ٥٣].

وجعل منه العبدي في "شرح الجُمل" "طلعت الشمس فوجد النهار" وحديث: "فإذا ركع، فاركعوا" (١).

لكن السببية قد استُفيدت من كونه جوابًا للشرط ولو لم توجد "الفاء".

واعْلَم أن السهيلي حصر معنى "الفاء" في التعقيب، ورَدَّ الترتيب والسببية إليه؛ لأن الثاني إذا تعقبه، تَرتب عليه وتَسَبب عنه.

قلتُ: وفيه نظر؛ لجواز أن يكون الأول [بعد] (٢) الثاني مع كونه عقبه، وكَوْن الشيء عقب الشيء لا يَلزم أن يكون متسببًا عنه، وهذا ظاهر. والله أعلم.


(١) صحيح البخاري (رقم: ٦٥٦)، صحيح مسلم (رقم: ٤١٢).
(٢) في (ص): قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>