للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبهذا يجاب عن استناد السيرافي في منع إفادتها التعقيب بذلك؛ لأنَّا نقول: في هذا تعقيب على الوجه الممكن.

وقال ابن الحاجب: المراد بالتعقيب ما يُعَد في العادة تعقيبًا لا على سبيل المضايقة. قال تعالى: {خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ} [المؤمنون: ١٤] الآية، مع أنه بين كل أمرين زمان (١) جاء مُصَرحًا به في حديث ابن مسعود: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أُمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك" (٢) الحديث.

وأما ابن مالك فقال: (إن الفاء قد تكون للمهلة، نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: ٦٣]) (٣).

وجوابه -على الأحسن- أن يجعل للتعقيب بالتقدير السابق.

ووقع في "إيضاح" الفارسي أن "ثم" أشد تَراخيًا من "الفاء"، فأَوهم أن "الفاء" فيها تراخٍ.

فقال ابن أبي الربيع في شرحه: إن مُراده إذا كان الاتصال -أي: التعقيب- فيها مجازيًّا، وحينئذٍ ففيها تراخ بلا شك، لكن تراخي "ثُم" أشد.

وهو تنزيل حسن.


(١) انظر: أمالي ابن الحاجب (١/ ١٢٣).
(٢) صحيح البخاري (رقم: ٣٠٣٦)، صحيح مسلم (رقم: ٢٦٤٣) واللفظ للبخاري لكن (إِنَ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ .. )
(٣) شرح التسهيل (٣/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>