للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: لكنه لا يخرج عما سبق، فإنَّ الوجوب إذا نُسخ، هل يبقى الجواز بمعنى رفع الحرج؟ أو الإباحة؟ أو الاستحباب؟ فيه خلاف سبق وسيأتي في "باب النسخ" أيضًا.

وقد حكى ابن فورك الطريقين: القطع، وإجراء الخلاف، وقال: الأشبه التسوية.

ومنع إمام الحرمين [الاتفاق] (١)، وطرد الوقف هنا بناء على اعتقاده أن لا فرق بينهما. لكن قد فرق غيره بوجهين:

أحدهما: أن حمل النهي على التحريم يقتضي الترك، وهو على وَفْق الأصل؛ لأن الأصل عدم الفعل. وحمل الأمر على الوجوب يقتضي الفعل، وهو على خلاف الأصل.

ثانيهما: أن النهي لدفع المفسدة والأمر لتحصيل المصلحة، واعتناء الشارع بِدَرْء المفاسد أشد مِن جَلْب المصالح.

وفَرْق ثالث: وهو أن الإباحة أحد محامل "افْعَل"، بخلاف "لا تفعل".

وأَوْرَد ابن الحاجب الخلاف على وجه ليس بجيد يحتاج لتأويل إن أمكن.

تنبيه:

هل يجري هنا في ورود النهي بعد الاستئذان وشبهه ما سبق في ورود الأمر بعده؟ وَرد فيه مواضع متباينة بدليل من خارج أو بحسب ما يدل السياق عليه.

فما هو على التحريم: حديث المقداد: "أرأيت إن لاذ مني بشجرة بعد أن قالها -أي: كلمة الإيمان- أفأقاتله؟ قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا" (٢). أي: لا تقاتله، وحديث: "أينحني بعضنا


(١) في (ق، ت): من الاتفاق.
(٢) صحيح البخاري (٣٧٩٤)، صحيح مسلم (رقم: ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>