للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكلامه في مواضع من "الرسالة" يدل عليه، ومَن تَأمل استدلاله بالآيات والأحاديث عَلم ذلك، كاحتجاجه في النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة على فسادها، وكقوله: (وكل موضع خَلَا عن الولي والشهود والرضا من المنكوحة الثيب فين فاسدًا؛ لأنه أخلَّ بشيء مما سَنَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه) (١). وكما ذكره مِن نحو ذلك في "بيع الغرر".

وقال ابن السمعاني: إنه الظاهر من مذهب الشافعي وإن عليه أكثر الأصحاب.

وقال أبو زيد الدبوسي -من الحنفية- أنه قول علمائهم؛ لأن القبيح لِعَيْنه لا يشرع لِعَينه. وقال: سواء قَبُحَ لعينه وضعًا أو شرعًا، كالنهي عن بيع الملاقيح، والصلاة بغير طهارة.

الثاني: لا يدل على الفساد أصلًا، ويحتاج الفساد إلى دليل غير النهي. وهو قول الأشعري والقاضيين أبي بكر وعبد الجبار، وزاد ابن برهان نَقْله عن أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم، واختاره من أصحابنا القفال الشاشي وأبو جعفر السمناني والغزالي، وحكاه عن جمهور المتكلمين (٢)، وإلْكِيَا الطبري عن أكثر الأصوليين، وصاحب "المحصول" عن أكثر الفقهاء، والآمدي عن المحققين. قال الشيخ أبو إسحاق: وللشافعي كلام يدل عليه.

ولهذا قال المازري: أصحاب الشافعي يحكون عنه القولين.

ونَص الغزالي على أن الاعتماد على فساده إنما هو على فوات شرط، ويُعْرف الشرط بدليل يدل عليه، وعلى ارتباط الصحة به.

وحكى جماعة -آخِرهم الصفي الهندي- إطلاق حكايته عن الحنفية. والصواب أن خِلافهم إنما هو في المنهي عنه لِغَيره كما سيأتي، أما المنهي عنه لِعَينه فلا يختلفون في فساده،


(١) الرسالة (ص ٣٤٤).
(٢) عبارة الزركشي في (البحر المحيط، ٢/ ١٦٧): (وحكاه القاضي عن جمهور المتكلمين).

<<  <  ج: ص:  >  >>