للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشروعًا بدون الوصف. وبنوا على ذلك ما لو باع درهمًا بدرهمين ثم طرحا الزيادة أنه يصح العقد.

قلتُ: ومن هنا يُعلم أن ما يُنقل عنهم في الفرق بين الفاسد والباطل أن "الباطل" ما لم يُشرع بأصله ولا وَصفه، و"الفاسد" ما شُرع بأصله دُون وَصفه -أن مرادهم أن الباطل هو المنهي عنه لعينه أو لجزئه، والفاسد هو المنهي عنه لوصف لازم لكن يكون الفساد راجعًا للوصف لا للموصوف، خِلافًا لِمَا يتبادر للفهم من الحكم على الأصل بالفساد.

ومن هنا يُعلم أيضًا وَجْه ما قاله الهندي وابن فورك: إن محل الخلاف إنما هو في الفساد بمعنى البطلان، لا على معنى تفرقتهم بين الفساد والبطلان.

فائدة:

رد الشافعي - رضي الله عنه - هذا القول بأن النهي عن الشيء لوصفه يضاد وجوب أصله. فقال ابن الحاجب: (أراد أنه يضاده ظاهرًا). لا قطعًا، وإلا لَوَرَد عليه نحو الصلاة في أعطان الإبل والأماكن المكروهة، إذ لو كان يضاد وجوب الأصل، لم تصح الصلاة، وليس كذلك، فإذا كان المراد: يضادها ظاهرًا، خرجت هذه الصورة؛ لأنها تضاد ظاهرًا؛ لدليل راجح.

نعم، قَيَّده البيضاوي في توضيحه بالتحريم، فقال: قال الشافعي: حُرمة الشيء لوصفه تُضاد وجوب أصله.

وهو تقييد حسن مُخرج لما سبق من الصلاة في الأماكن المكروهة حتى لا يحتاج أن يقال: يضاده ظاهرًا، لا قطعًا.

لكن مقتضاه أن النهي يدل على الفساد هنا إذا كان نهي تحريم لا تنزيه حتى يكون النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة صحيحًا.

وزعم الصفي الهندي أنه لا خلاف فيه، قال: (على ما يشعر به كلامهم وصرح به بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>