للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخرج بِقَيْد "الفرعي" الأصليُّ، كأصول الدِّين وأصول الفقه، وهو أحسن مِن التعبير بِـ "العَمَلِي"، أَيْ: عمل الجوارح؛ ليخرج الاعتقادات؛ لأنَّ فيه مجاز تخصيص العمل ببعض أنواعه، فَمِن الفقه ما ليس بعمل جارحة، كالنيَّة وأحكامها وسائر القصُود المذكورة في الفقه، إلَّا أنْ يُجاب بأنه تابع لأفعال الجوارح، لا مُجَرَّد اعتقاد كعقائد الأَصْلَين.

وخرج بِكَوْن عِلم ذلك مِن دليل تفصيلي:

- ما ليس مُكْتَسَبًا أصلًا، كَعِلْم الله عز وجل.

- أو كان مكتسبًا لا مِن دليل تفصيلي، كَعِلْم الملائكة، وعِلْم الرُّسُل فيما ليس مِن اجتهادهم حيث جَوَّزناه، وكذا ما عُلِمَ مِن الدِّين بالضرورة كما تَقَدَّم وإنْ كان يُسَمَّى فروعًا بالنسبة إلى أُصُول الدِّين (كما يقال في "تكليف الكافر بالفروع"، مرادهم بذلك الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك كما سيأتي)، وكذا عِلْم المقلِّد؛ فإنه مِن دليل إجمالي وهو أنَّ كل ما أفتاه به المفتي فهو حُكم الله في حقه؛ لقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: ٧] وقيام الإجماع كما سيأتي بيانه في الباب الرابع.

لا يُقال: إنَّ الذي يَعلمه المقلِّد هو أيضًا مِن دليل تفصيلي باعتبار أنَّ مُقَلَّدَه أَخَذه مِنه، فينبغي أنْ يُزاد "بالاستدلال"؛ ليخرج.

لأنَّا نَقُول: مُسَلَّم، لكن المُقَلِّد ما أخذ مِن الدليل التفصيلي، وهو معنى قولي: (مِنْه)، وهو متعلق بِـ "عِلْم"، وفاعل "العِلم" محذوف، أَيْ: عِلْم إنسان، أو نحو ذلك، فذلك الفاعل مُقَيَّد بِكَوْنه عَلِمه مِن الدليل التفصيلي؛ فَلَم يَدخل المُقَلِّد أَصْلًا، والله أعلم.

ص:

٢٠ - وَغَايَةُ الْفَنِّ هُوَ التَّوَصُّلُ ... لِكُلِّ خَيْرٍ يَقْتَضِيهِ الْعَمَلُ

الشرح: لَمَّا فرغ الكلام في الأول مِن الثلاثة (وهو تَصَوُّر العِلم) شَرعْتُ في الثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>