للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: قد سبق أنَّ فِعل الشيء وإيقاعه والفعل الواقع معناهما واحد، وأيضا سبق الفرق بين النهي عن الفعل في الزمان وفي المكان.

المأخذ الثاني: أن النهي يستلزم تَصوُّر حقيقة المنهي عنه شرعًا، وذلك يقتضي الصحة، والمنهي عنه قبيح لذاته، وذلك قائم بالوصف، لا بالفعل.

قلتُ: لكن لا نُسَلم أن القبح في المنهي استُفِيد من غير النهي، فلا يُعْرف قُبح المنهي عنه إلا بالنهي، وقد مضى تقريره.

وبالجملة فعند الشافعي أن المعصية والصحة متنافيان في زمان واحد مِن حيثية واحدة.

وبحث بعض المحققين في القول بأن "النهي يقتضي الصحة" بأنه إنْ أريد "الصحة العقلية" على معنى إمكان كونه صحيحًا، فلا خلاف في ذلك، أو "العُرفية" على معنى أنه يَصْدُق على صومه عُرفًا اسم ذلك، فكذلك.

وأدلتهم إنما تدل على الصحة بهذين المعنيين، أما "الشرعية" على معنى ترتُّب الآثار عليه شرعًا فَهُم لا يقولون به، ولا أدلتهم تقتضيه؛ فيرجع الخلاف لفظيًّا.

قلتُ: قد سبق للخلاف فوائد في النذر ونحوه.

وأما المنهي عنه لأمر خارج غير لازم فلا يقتضي الفساد عند الشافعي والجمهور، سواء أكان في العبادات أو في العقود.

قال الآمدي: (لا خلاف أنه لا يقتضي الفساد إلا ما نُقل عن مالك وأحمد) (١). انتهى

وهو المشهور عند الحنابلة وداود، وعُزي إلى أبي هاشم وغيره؛ ولهذا أَبْطل أحمد الصلاة في الدار المغصوبة كما سبق بيانه في الأحكام.


(١) الإحكام (٢/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>