للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرع تارة بمعنى نفي الصحة كما في حديث: "لا تُقبل صلاة بغير طهور" (١) ونحو ذلك مما يستدل به أصحابنا وغيرهم على اشتراط الطهارة أو ستر العورة.

وتارة ينفي القبول مع وجود الصحة، كما في الأحاديث السابقة في الآبق وشارب الخمر ومَن أتى العراف.

وحكى الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" القولين، وأشعر كلامه بعدم ترجيح أحدهما على الآخَر، حيث حكى في تفسير "القبول" قولين: (أحدهما: ترتيب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء، فيقال: "قَبِل عُذرَه" إذا رتب على عذره الغرض المطلوب وهو عدم المؤاخذة بالجناية، وعلى هذا فالصحة والقبول متلازمان.

والثاني: أن "القبول" كون العبادة بحيث يترتب الثواب عليها، وعلى هذا فالقبول أَخَص من الصحة، فكل مقبول صحيح، ولا ينعكس) (٢). انتهى

نعم، ابن عقيل -من الحنابلة- حكى القولين في كتابه في الأصول، ورجح أن الصحيح لا يكون إلا مقبولًا، ولا يكون مردودًا إلا وهو باطل.

لكن ترجيحه ذلك ليس بالواضح مع كثرة مجيء الأمرين في الشرع كما أشرنا إليه؛ ولذلك جريتُ في النظم على عدم الترجيح، فقلتُ: (رَجَّحُوا كِلَيْهِمَا بِمَا أتي مِنْ شَاهِدٍ عَلَيْهِمَا).

وقولي: (اوْ إجْزَاءِ) أشرتُ به إلى أن نفي الإجزاء كنفي القبول فيما ذكر، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا


(١) سبق تخريجه.
(٢) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٦٣ - ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>