للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٠] الآية، فليس المرادُ اليقينَ؛ إذْ لا اطِّلَاع لنا على الباطن، إنما حَكَمْنَا به لِمُطْلَق [التلفُّظ] (١) بالشهادتين، لكن لَمَّا نزل ذلك مَنْزِلة اليقين لِتَعَذُّر اليقين ولِعِظَم هاتين الكلمتين، أُطْلِقَ على ذلك عِلْمًا.

ومِن عَكْسه (وهو إطلاق الظن بمعنى العِلْم) قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦]، فإنَّ المرادَ هنا اليقينُ؛ لأنه مِن عقائد الدِّين، لكن قُصد فيه التيسيرُ والبشارةُ لِمَن قد دَخَل فيه بضعف اعتقادٍ (كالمؤلَّفة قَبْل أنْ يَحْسُن إسلامُهم)، فَلَعَلَّه بذلك يَحْسُن إسلامُه ويَقْوَى حتى يَصِير يقينًا، فهو مِن ألطاف الله تعالى؛ فإنه إذَا كان بهذا الظن مُبَشَّرًا بهذه السعادة، فكَيْف إذَا حَسُن اعتقادُه وقَوِيَ؟ وكَيْف مَن كان يَقِينه ابتدائيًّا؟

تنبيه:

"الشك" في اللُّغة: مُطْلَق التردد، وكَوْنه مع الاستواء إنما هو اصطلاحٌ للأصوليين، وزَعَم النووي أنه عند الفقهاء كما في اللغة، فلا يُفَرَّق في الفقه بَيْن حالَتَي التساوِي والرجحان.

ورُدَّ ذلك بأنَّ هذا إنما هو في بعض الأبواب، كباب الحدث في قاعدة "مَن تَيَقَّن الطهارة وشَكَّ في الحدث، أو عَكْسه"؛ ولذلك ضُعِّف ما قاله الرافعي وتبعه في "الحاوي الصغير" فِيمَن تَيَقَّن الحدث وظنَّ الطهارة بَعْدَه: (إنه يرتفع به، لا مَن شَكَّ، أَي استوى عنده الطرفان) [بِأنه] (٢) لا فَرْق بَيْن الشك والظن في هذا الباب ونحوه؛ لِمَعْنى يخصُّ ذلك الموضع، لا مُطْلَقًا، فَقَدْ فَرَّقُوا في أبواب بينهما كالأصوليين:


(١) ليس في (ش).
(٢) كذا في (ز)، ومعنى العبارة هكذا: (ما قاله الرافعي ضُعِّفَ بأنه لا فَرْق بَيْن الشك والظن في هذا الباب). لكن في (ص): فإنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>