وقد يجاب بأن الكلام في عامٍّ باقٍ على أن دلالته على فرد فرد ظاهرة، لا نص. وبعد وقوع العمل يصير كالنص على كل فرد فرد؛ فلذلك كان نسخًا.
الرابع: قد يورَد على تعريف "التخصيص" أنه إنما يكون تخصيصًا بدليل، فَلِمَ لا قيل: قَصْر العام بدليل؟
وجوابه: أن الكلام في التخصيص الشرعي، فالتقدير: قَصْر الشارع العام على بعض أفراده. فأُضيف المصدر إلى مفعوله وحُذف الفاعل؛ لِلعِلم به؛ ولأجل ذلك لم أتعرض لكون تخصيص العام جائزًا؛ استغناءً بِذكر جوازه إلى واحد أو كذا إلى آخِر ما سيأتي.
وقد تَعرض ابن الحاجب وغيره لحكاية الخلاف في جواز تخصيص العام، فقال:(التخصيص جائز إلا عند شذوذ)(١).
وأراد بذلك أن العام سواء كان أمرًا أم نهيًا أم خبرًا يجوز أن يَطرقه التخصيص ولو كان مؤكدًا بِـ"كل" ونحوها، إلا أن قومًا شذوا فمنعوه مطلقًا - وكذا حكاه الإمام الرازي وأتباعه.
لكن مقتضى إيراد الشيخ أبي حامد وسليم والشيخ أبي إسحاق وابن الصباغ وابن السمعاني وأبي الحسين والآمدي أن الخلاف إنما هو في تخصيص العام إذا كان خبرًا، لا أمرًا أو نهيًا، فإنه جائز بلا خلاف.