يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] مع أن بعض القربان غير منهي قطعًا.
بل قالوا: لا عام إلا وطَرقَه التخصيص، إلا مواضع يسيرة عقد الشافعي في "الرسالة" لها بابًا، وسيأتي بيانها.
وأما "العام" إذا أُكِّد، فلا يمتنع تخصيصه على أصح قولين للعلماء، حكاهما الماوردي والروياني في "باب القضاء"، ونقل القول بالمنع أيضًا أبو بكر الرازي عن بعضهم، وجزم به المازري، مستندين إلى أن التأكيد لنفي المجاز.
ولهذا وقع الجواب في قوله تعالى:{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}[آل عمران: ١٥٤] على قراءة نَصْبِ "كُلَّه"؛ لأنه لو لم يكن معيِّنًا للعموم، لَمَا وقع جوابًا لمن قال:{هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ}[آل عمران: ١٥٤].
ولكن الأصح نعم، بدليل: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ} [الحجر: ٣٠ - ٣١] إذا قُدِّر متصلًا، وفي الحديث:"فأحرموا كلهم إلا أبو قتادة"(١).
وفي "البرهان" لإمام الحرمين أن الجواز قضية كلام الأشعري. وصرح به القفال الشاشي والماوردي والروياني.
بل ظاهر كلام الهندي في "باب النسخ" أنه إجماع.
قولي:(وَلَوْ عَلَى فَرْدٍ يَلُمْ) إشارة إلى القَدْر الذي ينتهي إليه التخصيص ويبقى العام مقصورًا عليه، وأنه إنْ كان العام بصيغة غير الجمع وما في معناه فيجوز إلى واحد، وإنْ كان جمعًا أو ما في معناه فيجوز إلى أقَل الجمع. وهذا هو أرجح المذاهب كما سنذكره، وحينئذٍ فيُحتاج إلى معرفة "أَقَل الجمع" ما هو إذا كان جمع قِلة أو كثرة؟
(١) صحيح البخاري (رقم: ١٧٢٨)، صحيح مسلم (رقم: ١١٩٦).