السادس: تفصيل آخَر، قال ابن الحاجب:(إنه المختار). قال الأصفهاني وغيره: ولا يعرف لغيره أن التخصيص إنْ كان بالاستثناء والبدل يجوز إلى واحد، أو بالمتصل غيرهما -كالصفة- يجوز إلى اثنين، أو بالمنفصل في العام المحصور القليل يجوز إلى اثنين أيضًا. مِثل:"قتلتُ كل زنديق"، وقد قتل اثنين، والزنادقة كانوا ثلاثة. وبالمنفصل غير المحصور أو العدد الكثير يكون المختار القول بإبقاء العدد الذي يَقْرب مِن مدلول العام.
قولي:(إلَّا إذَا كَانَ الْعُمُومُ جَمْعَا) إلى آخِره -بيان لمسألة أقَل الجمع ما هو؟ حتى يترتب عليها بعض المذاهب في المسألة السابقة. وهذا وجه مناسبة ذِكر مسألة "أقَل الجمع" هنا كما ذكرها إمام الحرمين والإمام الرازي وأتباعه. وذكرها جَمعٌ -كابن الحاجب- عقب مسألة: الجمع المنكَّر هل هو للعموم؟ أو لا؟
ولكن هنا أليق؛ لأنَّ مَن يقول بعموم الجمع المنكَّر لا يُعَيِّن الحمل على أقَل الجمع، بل على الأقل أو غيره مما يقتضيه الحال وإنْ كان يُحمل على الأقل حيث لا قرينة، لكنه ليس المقصود من تلك المسألة.
وفي أقل ما ينطلق عليه الجمع مذاهب تُقدَّم عليها مُقدِّمة، وهي: أن الدال على متعدد إما مثنى أو جمع أو اسم جمع أو جنس جمعي أو غير ذلك من الضمائر (كَـ "قمنا" و"قمتم" و"أنتم") أو الإشارة (كَـ"أولئك") أو الموصول (كَـ "الذين") أو غير ذلك مما لا ينحصر. لكن المثنى ونحوه لا غرض لنا فيه، بل في غيره.
فلنبدأ بالجموع؛ لأنها موضوع هذه المسألة غالبًا، ثم نتعرض لبعض ما أشرنا إليه.