وجمع كثرة: وهو ما يُطلق لأحد عشر فصاعدًا إلى ما لا نهاية له.
وجمع القِلة منحصر في نوعين:
أحدهما: جموع التصحيح وهو: ما سَلِمَ فيها بناءُ الواحد، سواء كانت لمذكر نحو:"مسلمين" أو مؤنث نحو: "مسلمات".
وثانيهما: أربعة من جموع التكسير، جمعها بعض القدماء في قوله:
بأفعُلٍ وبأفعالٍ وأفعِلةٍ ... وفِعْلةٍ يعرف الأدنى من العددِ
وزاد -في ضم جمعي التصحيح إليها أبو الحسن الدَّباج من نحاة أشبيلية -بيتًا، فقال:
وَسَالِمُ الْجَمْعِ أَيْضًا دَاخِلٌ مَعَهَا ... في ذلك الحكم، فَاحْفَظْهَا وَلَا تَزِدْ
ودليل كون النوعين للقِلة الاستقراءُ، فإنهم لا يفسرون العدد القليل إلا بها، كَـ"ثلاثة أفلُس"، و"أربعة أجمال"، و"خمسة أرغِفة"، و"سبعة صِبية"، و"سبع بَنين" و "تسع شجرات" ونحو ذلك.
وعلَّل النحاة ذلك في جمع التصحيح بأنه على حَد المثنى، فوجب قِلته وحصره. وفي الأربعة من التكسير بأنها تُصَغَّر على لفظها كالمفرد، وغيرها من جموع التكسير إنما تُصَغَّر على إفراد واحدها ثم يجمع بِـ "الواو والنون" في العاقل، وبـ "الألف والتاء" في غيره، فيقال:"رُجَيْلون" و"دريهمات".
نعم، قد يقوم جمع القِلة مقام جمع الكثرة، وبالعكس، كما في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] فإن المطلقات في غاية الكثرة، وجمعها بالألف والتاء، وأكَدَها في قوله:{بِأَنْفُسِهِنَّ} بجمع قِلة.
واستعمل جمع الكثرة وهو "قروء" في ثلاثة، وربما كان ذلك استغناءً بما لا يستحق عما يستحق، كـ"رجال" ليس له جمع قِلة، و"أقلام" ليس له جمع كثرة.