نعم، مقتضى قول سيبويه وجمع من أئمة النحو في التعبير عن ذلك بأنه قد "يُستعار كذا لكذا" أنَّ ذلك مجازٌ، وأن الحقيقة التفرقة السابقة.
فأول المذاهب في أقَل الجمع أنه ثلاثة، ولا يستعمل في الاثنين إلا مجازًا.
وإليه ذهب الأكثرون، منهم الشافعي وأبو حنيفة، واختاره الإمام الرازي وأتباعه كالبيضاوي، وكذا ابن الحاجب في "مختصره الكبير"، أما في "الصغير" فسيأتي ما وقع له فيه.
وربما رُوي هذا القول عن مالك، حكاه عنه عبد الوهاب، لكن المشهور عنه ما سيأتي. ورُوي عن عثمان وابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهما -. وممن نقله عن نَص الشافعي الروياني في "البحر" في "كتاب العدد"، قال:(وهو مشهور مذهب أصحابنا)(١).
وقال إمام الحرمين: إنه ظاهر مذهب الشافعي. وقال إلْكِيا: هو مختار الشافعي. ونقله القاضي أبو الطيب عن أكثر أصحابنا، وقال الأستاذ أبو إسحاق: إنه ظاهر المذهب. ونقل أيضًا عن نَص الشافعي في "الرسالة"، ونقله أَبو الخطاب -من الحنابلة- عن نَص أحمد، وحكاه ابن الدهان عن جمهور النحاة، وفي "شرح الكتاب" لابن خروف أنه مذهب سيبويه.
قال القفال الشاشي في "أصوله": ولهذا جعل الشافعي أقَل ما يعطى من الفقراء والمساكين -أيْ من الزكاة- ثلاثة، وفي الوصية للفقراء أقَلهم ثلاثة.
قال: لأن السِّمات دلائل على المسميات، وقد جعلوا للمفرد والمثنى صيغة، فلا بُدَّ أن يكون للجمع صيغة بخلافهما.
الثاني من المذاهب: أن أقَله اثنان. وبه قال القاضي أبو بكر، وحكاه هو وابن خويز منداد عن مالك، واختاره الباجي.