للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقله صاحب "المصادر" عن أبي يوسف، قال: ولهذا ذهب إلى انعقاد صلاة الجمعة باثنين سوى الإمام. فجعل قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] اثنين يسعيان فصاعدًا إلى الإمام.

لكن أنكر ذلك عن أبي يوسف شمسُ الأئمة السرخسي، وقال: (إن عنده الجمع الصحيح ثلاثة كما يقوله محمد فيما نَص عليه في "السير الكبير") (١).

وقال ابن حزم: (إنَّ كون أقل الجمع اثنين قولُ جمهور أهل الظاهر) (٢). ثم اختار خِلافه.

وحكاه سليم عن الأشعرية وبعض المحدثين، وحكاه ابن الدهان النحوي عن محمد بن داود وأبي يوسف والخليل ونفطويه، واختاره الغزالي.

وربما احتُج لذلك بقوله تعالى: {قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨]، فسألوا إلهًا مع الله؛ لتكون الآلهة اثنين، تَعالَى الله عن ذلك، لا إله غيره.

وُيروى هذا القول أيضًا عن عمر وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما -.

واعلَم أن ما نُقل من ذلك عن الصحابة إنما أُخذ من اختلافهم في حجب الأم عن الثلث إلى السدس بأخوين أو بثلاثة، لا أنهم تكلموا في أقَل الجمع بخصوصه.

وربما كان مَأخذ مَن قال باثنين غير ذلك، كما روى ابن خزيمة والبيهقي وابن عبد البر بسندٍ -وإن كان متكلَّمًا فيه- إلى ابن عباس في الاستدلال على ذلك، ولكن الحاكم رواه، وقال: صحيح الإسناد: أنه دخل على عثمان، فقال له: (إن الأخوين لا يردان الأم إلى السدس، فإنما قال الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: ١١]، والأخوان في لسان قومك


(١) أصول السرخسي (١/ ١٥١).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (٤/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>