للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأعطوه حُكم الحقيقة مع أنه مجَاز.

قلتُ: وعكسُ هذا الإشكالِ من حيث [العلة] (١) الإشكالُ في جمع القِلة إذا اقترن بما يقتضي عمومه: كيف يقال بالعموم فيه مع أن نهايته في اللغة عشرة مع إطباق العلماء على الاستدلال بعمومه؟ نحو: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: ٣٥]، {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: ١٣]، إلى غير ذلك.

فَجُمِع بين الطريقين بأن الشارع تَصَرَّف في ذلك بالنقل، كما في الصلاة والحج والصوم، فعمم هذه الجموع بما اقترن بها وإنْ كان أصلها بغير العموم.

وجمع إمام الحرمين بأحسن من ذلك، وهو حمل كلام أهل العربية على حالة التجرد عما يقتضي العموم مِن "أل" ونحوها، وكلام الأصوليين والفقهاء على حالة الاقتران باللام ونحو ذلك.

وأقول: إنَّ هذا الإشكال في الأصل إنما يتوجه إذا قُلنا بأن الجمع إذا اقترن بما يقتضي عمومه، كانت أفراده وحدانًا، لا جموعًا.

أما إذا قُلنا: (أفراده جموع)، فَجِهَة عمومه غير نهاية أفراده، فإنَّ العموم حينئذٍ في كل عشرة عشرة أو تسعة تسعة أو باقي مراتبه.

بل والقائل بالأول جَرَّد الدلالة عن الجمعية أصلًا، وصار عنده دالًّا على الحقيقة مِن حيث هي كما سبق تقريره مطولًا، فتأمله.


(١) كذا في (ص، ق)، لكن في (ش): العلية. وفي (ت، س): الغاية. وفي (ض) كأنها: (الغاية) أو (الكفاية).

<<  <  ج: ص:  >  >>