قال:(لأنَّا إذا نظرنا إلى فرد، شككنا فيه هل هو مِن المخرج؟ أم لا؟ والأصل عدمه، فيبقى على الأصل ويُعمل به إلى أن يُعْلم بالقرينة أن الدليل المخصِّص معارِض لِلَّفظ العام، وإنما يكون معارِضًا عند العِلم به). انتهى
وهو صريح في الإضراب عن المخصِّص والعمل بالعام في جميع أفراده. وهو بعيد وإنْ قال به بعض الحنفية كما نقله ابن الساعاتي في "البديع"، وكذا صاحب "اللباب" وأبو زيد وغيرهم، وحكاه أبو الحسين بن القطان من الشافعية عن بعض أصحابنا.
وبالجملة فالراجح المنع؛ لأن إخراج المجهول مِن المعلوم يُصَيِّر المعلوم مجهولًا، وهذا كما لو قال:(بِعْتُك هذه الصبرة إلا صاعًا منها)، لا يصح.
فالإضراب عن التخصيص بالمبهَم والعمل بالعموم -ناءٍ عن قواعد الشرع، ويلزم أن مَن طلق إحدى امرأتيه يَطَأهُما جميعًا، ومَن اشتبه عليه الطهور من إناءين، يستعملهما. ولكنه رأي ضعيف، وهو أنه يهجم.
نعم، لو قيل: يُحتج به إلى أنْ يبقى فرد، كان له وجه، كمن اشتبه مَحْرمه بنساء غير محصورات، ولو حلف لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر كثير فأكله إلا تمرة، لم يحنث.
بخلاف اختلاط المحرم بالمحصور فإنَّ الكل حرام، حتى لو وطأَ رجلان امرأة وطئًا يلحق به النسب فأتت بولد وأرضعت طفلًا بلبنه [ولم](١) يثبت نَسبه وأراد أن يتزوج ببنت أحدهما، لم تَحِل على الأصح.
وقيل: يحِل أن يتزوج بنت مَن شاء منهما؛ لأن الأصل في كل واحدة الِحل.