للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جواب القاضي في "مختصر التقريب" عن هذه الشبهة) (١).

قلتُ: ليس المراد بإعمال الدليلين إعمالهما مِن كل وجه، بل في الجملة وإلَّا لجرى ذلك في كل تخصيص، فإنَّ القدْر المعارِض مِن العام للخاص طُرِح وعُمِل بالخاص.

وأما القدر الذي لا يعارِض الخاص فهو وإنْ كان معمولًا به لكنه ليس الكلام فيه، فظهر أن المراد بإعمال الدليلين إعمال العام في غير ما عارض المخصِّص وإعمال المخصص في المعارِض لبعض أفراد العام.

وقولي: (إنْ جَلِيَّا يَكُونُ) أي: سواء كان القياس جليًّا أو خفيًّا. فـ "جليًّا" خبر "يكون"، قُدِّم عليه، و"خفيًّا" مفعول ثانٍ لـ "تعد"، فإنه يتعدى لمفعولين، كقول الشاعر: (فلا تعدد المولى شريكك في الغنى).

وفي هذا التنبيه على أنَّ لنا قولًا بالتفرقة بين القياس الجلي والخفي، وسيأتي إيضاحه.

والحاصل أنَّ الراجح مِن المذاهب في المسألة التخصيص بالقياس مطلقًا، وإليه ذهب الأئمة الأربعة والأشعري وأبو هاشم وأبو الحسين، وعليه جرى الإمام والآمدي وأتباعهما، إلا أن ابن الحاجب زاد تفصيلًا آخَر يأتي بيانه.

وذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي أنَّ الشافعي نَصَّ على جواز التخصيص بالقياس في مواضع.

وقال ابن داود في "شرح المختصر": إنَّ كلام الشافعي يُصرِّح بالجواز.

والمذهب الثاني: المنع مطلقًا. قاله أبو علي الجبائي، ونقله القاضي عن طائفة من المتكلمين، منهم ابن مجاهد مِن أصحابنا.


(١) الإبهاج (٢/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>