للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني:

إذا كان مورد النزاع في الصحابي:

فهل هو تفريع على أن قوله حُجة؟ فإذا قُلنا: (غير حجة) فلا يخصَّص به قطعًا؟

أو إنه تفريع على أنه غير حُجة؟ أمَّا إذا قُلنا: (حُجة) فيخصَّص به قطعًا؟

فيه اضطراب أيضًا.

ففي "التقريب" للقاضي الأول، قال: (وقد يُنسب للشافعي ذلك في قوله الذي يجوِّز فيه تقليد الصحابي).

قال: (ونُقل عنه أنه لا يخصص به إلا إذا انتشر في أهل العصر ولم ينكروه، وجعل ذلك نازلًا منزلة الإجماع).

وكذا فرَّعه كثير على حُجية قول الصحابي.

لكن في استدلالات ابن الحاجب في المسألة -وبه قال جمعٌ- أن ذلك إذا قُلنا: (إنَّ قوله غير حُجة)؛ لأن القول بحجيته إنما هو حيث لم يخالِف قولُه قولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت الصحابة يتركون أقوالهم إذا سمعوا العموم. قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: "كنا نخابر أربعين سَنة حتى روى لنا رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن المخابرة؛ فتركناها" (١).

فإذا كان غير حُجة، تَساوَى حينئذٍ مع غير الصحابي، وحينئذٍ فذِكْر الصحابي كالمثال، وإلا لكان الحِجاج بأنه غير حُجة مصادرة على المطلوب.


(١) سنن النسائي (٣٩١٧)، سنن ابن ماجه (٢٤٥٠)، وغيرهما بلفظ: (كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسًا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة). قال الألباني: صحيح. (إرواء الغليل:
١٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>