وفي المسألة مذهب ثالث بالوقف. قاله جمعٌ، منهم إمام الحرمين وأبو الحسين والإمام الرازي في "المحصول"، وتبعه مختصروه كَـ "الحاصل"، على أن ابن الحاجب نقل عن إمام الحرمين وأبي الحسين القول بأنه تخصيص، عكس ما سبق على ما نقله الآمدي عنهما.
ودليل مَن قال بأنه ليس تخصيصًا أنَّ جَعْلَ العامِّ خاصًّا لأجل مطابقة الضمير تَصَرُّفٌ في لفظ ظاهر، وجعل الضمير مفسَّرًا ببعض السابق تصرُّف في ضمير، وهو أضعف، فالتصرف فيه أَوْلى مِن التصرف في الأقوى.
ومَن قال بالتخصيص راعى المطابقة.
ومَن يُوقف، نَظَر إلى أن التصرف بكل مِن الأمرين يقابل الآخَر بلا ترجيح؛ فيتوقف.
ولكن جوابه ما سبق من الترجيح.
تنبيهان
الأول: قد يُعبر في هذه المسألة بأَعَم مِن عَوْد ضمير على بعض العام، بِأن يقال: تعقيب العام بما يكون مختصًّا ببعضه هل يقتضي تخصيصه سواء أكان ذلك ضميرًا كما سبق؟ أو استثناء؟ كقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧] بعد قوله: {إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}[البقرة: ٢٣٦] الذي هو أعم من الرشيدات وغيرهن، والعفو مختص بالرشيدة، لا الصغيرة والمجنونة والسفيهة.
قيل: إلا أن هذا المثال إنما يكون مما نحن فيه إذا لم يذكر حُكم غير الرشيدة حتى يكون خاصًّا بعد عام، لكنه مذكور في قوله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}[البقرة: ٢٣٧].