للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الباجي: ورُوي عن مالك المذهبان. وقال القاضي أبو بكر: رُوي عن الشافعي المذهبان؛ لأنه جعل الخراج بالضمان عامًّا وحمله على جميع المبيعات ولم يخصه بالعبد.

وقال في موضع آخر: (إنَّ قوله: "إنما الربا في النسيئة" (١) يحتمل أن يكون خارجًا على سؤال سائل، فيجب قَصْرُه عليه). انتهى

وقد تَعلَّق إمام الحرمين لقول الشافعي بخصوص السبب بِقَصْره قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] الآية -على تحريم ما كان الكفار يعتقدون حِله من الميتَة والدم ولحم الخنزير وما أُهل به لغير الله، مع أن المحرمات غير ذلك كثيرة.

وأُجِيب بأن الشافعي لم يأخذ التخصيص مِن السبب، بل من تأويل اللفظ [بمخايل] (٢)، وإلا لكانت الآية نصًّا في الحصر؛ ولذلك أجمع الصحابة في الحشرات والقاذورات ونحوها على التحريم. ولو سُلِّم أنه مقصور على السبب فذلك لدليل، ومحل النزاع حيث لا دليل، والدليل هو ورود السُنَّة بمحرمات كثيرة، كالحُمُر الأهلية، وبه تنجمع الأدلة كما قرره الشافعي في "الرسالة"، وهو أَعْلَم بمراده.

وتَعلق غيْر الإِمام بمواضع كثيرة أُجِيب عنها كلها, لا نُطَوِّل بها.

وبالجملة فالصحيح عن الشافعي القول ببقاء العموم، وفروع مذهبه تدل عليه.

فمِن نصوصه وهو في "باب ما يقع به الطلاق من الكلام وما لا يقع" وذلك بعد باب الطلاق الذي يملك فيه الرجعة ما نَصه: (وسواء فيما يَلزم من الطلاق وما لا يُلزم به الزوج عند غضب أو مسألة طلاق أو رِضًا وغير مسألة طلاق، ولا تَصنَع الأسباب شيئًا، إنما تصنَعه الألفاظ؛ لأن السبب قد يكون ويحدث الكلام على غير السبب ولا يكون مبتدأ


(١) سبق تخريجه.
(٢) كذا في (ص، ق، ش)، لكن في (ت، س، ض): لمخايل.

<<  <  ج: ص:  >  >>