للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكلام الذي حكم فيقع، فإذا لم يصنع السبب بنفسه شيئًا، لم يصنعه بما بعده، ولم يمنع ما بعده أن يصنع ما له حُكم إذا قيل) (١). انتهى

واستدل بهذا النص كثير من أصحابنا المتأخرين، وردوا به نَقْل مَن نَقَل عن الشافعي اعتبار خصوص السبب.

لكن قال القاضي تاج الدين السبكي أنه كان ذَكَر ذلك في كتاب "الطبقات" وأنه وقع منه ذلك خطأً في اللهم للنص: (وإنما مراد الشافعي بذلك أنَّ الغضب وغيره مِن الأسباب التي يَرِد عليها الطلاق، لا يدفع وقوعه، وهذا كما ترى لا تَعلُّق له بمسألة الأصول وهي ورود العام على سبب خاص) (٢). انتهى

وهو ظاهر، إلا أن يكون أخذ من قوله: (ولا يصنع السبب شيئًا). أي: فإنه أَعم مِن صُنعْ رَفْع الطلاق وصُنعْ رَفْع العموم، لكنه فيه إثبات الشيء بنفسه؛ لأن قوله: (ولا يصنع السبب شيئًا) وارد على سبب وهو كون الطلاق في غضب أو نحوه.

نعم، إذا ثبت مِن الخارج أنه يقول بالعموم في الوارد على سبب خاص، كان هذا المكان فردًا مِن ذلك، لا أنه وحده شاهد على المسألة، فتأمله.

وممن قرر أنَّ مذهب الشافعي القول ببقاء العموم الإِمام الرازي في "مناقب الشافعي"، فقال: (ومعاذ الله أنْ يصح هذا النقل -أيْ تخصيص العام بالسبب عن الشافعي- وكيف وكثير مِن الآيات نزل في أسباب خاصة ثُم لم يَقُل الشافعي: إنها مقصورة على تلك الأسباب؟ ).

قال: (والسبب في وقوع هذا النقل الفاسد عنه أنه يقول: إنَّ دلالته على سببه أقوى؛


(١) انظر: الأم (٥/ ٢٥٩).
(٢) الإبهاج (٢/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>