محل الخلاف، ويتجه فيه القول بالحمل على العهود اتجاهًا لا يتهيأ مثله هنا في قصر اللفظ على سببه؛ لأنه لَمَّا كان هو المعهود، صار اللفظ كأنه موضوع له وإليه ينصرف الذهن عند سماع اللفظ دُون غيره.
الثاني: قولي: (نَعَمْ، تكون صُورَةٌ فِيهَا وَرَدْ قَطْعِيَّةَ الدُّخُولِ فِيَما يُعْتَمَدْ) إشارة إلى أن صورة السبب مقصودة بالعموم قطعًا، والخلاف إنما هو فيما عداها، وحينئذٍ فيطرق التخصيص ذلك العام إلا تلك الصورة، فإنها لا يجوز إخراجها.
لكن قال الشيخ تقي الدين السبكي: (إنما تكون صورة السبب قطعية إذا دل الدليل على دخولها وضعًا تحت اللفظ العام، وإلا فقد ينازع فيه الخصم ويدعي أنه قد يقصد المتكلم بالعام إخراج السبب، فالمقطوع به إنما هو بيان حُكم السبب، وهو حاصل مع كونه خارجًا كما يحصل بدخوله، ولا دليل على تعيين واحد من الأمرين.
فللحنفية أن يقولوا في حديث عبد بن زمعة: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش" وإنْ كان واردًا في أَمَة فهو وارد لبيان حُكم ذلك الولد، وبيان حُكمه إما بالثبوت أو بالانتفاء. فإذا ثبت أن الفراش هو الزوجة؛ لأنها التي يتخذ لها الفراش غالبًا وقال:"الولد للفراش"، كان فيه حصر أن الولد للحرة، ومقتضى ذلك أن لا يكون للأَمَة، فكان فيه بيان الحكمين جميعًا: نَفْي النَّسَب عن السبب، وإثباته لغيره.
ولا يليق دعوى القطْع هنا وذلك مِن جهة اللفظ، وهذا في الحقيقة نزاع في أن اسم "الفراش" هل هو موضوع للحرة والأَمَة الموطوءة؟ أو للحرة فقط؟
فالحنفية يدَّعون الثاني، فلا عموم عندهم له في [الأَمة](١)، فتخرج المسألة من باب أن العبرة بعموم اللفظ؟ أو بخصوص السبب؟