للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه.

الخامس: قال الشيخ تقي الدين السبكي: (جميع ما تَقدم في السبب وبقية الأفراد التي دَلَّ اللفظ العام عليها بالوضع وبين ذينك [الشيئين] (١) رُتبة متوسطة، فنقول: قد تنزل الآيات على الأسباب الخاصة، ويوضع مع كل واحدة منها ما يناسبها مِن الآي؛ رعايةً لنَظم القرآن وحُسن اتساقه، فذلك الذي وضعت معه الآية النازلة على سبب خاص للمناسبة إذا كان مسوقًا لِمَا نزل في معنى يدخل تحت ذلك اللفظ العام أو كان مِن جملة الأفراد الداخلة وضعًا تحت اللفظ العام، فدلالة اللفظ عليه يحتمل أن يقال: إنه كالسبب، فلا يخرج، ويكون مرادًا مِن الآية قطعًا. ويحتمل أن يقال: إنه لا ينتهي في القوة إلى ذلك؛ لأنه قد يراد غيرُه وتكون المناسبة لِشَبَهه [به] (٢).

والحقُّ أن ذلك رُتبة متوسطة دُون العام على سبب وفوق العام العَرِي عن السبب.

مثاله قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] , فإن مناسبتها لما قبلها وهي قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (٥١)} [النساء: ٥١] أنَّ ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف، كان قد قدم مكة وشاهد قتلى بدر وحرَّض الكفار على الأخذ بثأرهم، فسألوه: مَن أهدى سبيلًا؟ فقال: أنتم. كذبًا منه وضلالة. فنزلت الآية في حقه وحق مَن شاركه في تلك المقالة، وهُم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم بَعْث النبي - صلى الله عليه وسلم - وصِفَته، وقد أُخذت عليهم المواثيق أنْ لا يكتموا ذلك وأن ينصروه، وكان ذلك أمانة لازِمة، فلم يؤدوها وخانوا فيها، وذلك يناسب الأمر


(١) في بعض النسخ: السببين.
(٢) كذا في (ص، ق)، لكن في (س): فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>