للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأمانة) (١).

السادس: قضية مَن قال: (العبرة بخصوص السبب) أنْ يكون الوارد عليه عامًّا أُريدَ به خصوص، لا عامًّا مخصوصًا. فالأليق أن يُذكر في مباحث العام المراد به الخصوص.

قلتُ: لكنه ذكر في العام المخصوص كما ذكر التخصيص بالعقل وبالحس، مع أنه -عند التأمل- عامٌّ أُريدَ به خاص.

السابع: قال المازري: أَوْرَد بعض الأكابر سؤالًا، فقال: كيف يمكن الجمع بين قول النحاة: "متى أَمْكَن حمل "أل" على العهد، لا يحمل على العموم" وقول الأصوليين في المذهب الراجح: "العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب"؟

وأُجيب بأنه لا تنافي بينهما؛ لأن العموم لا ينحصر في الألف والسلام، بل له صِيَغ كثيرة. فإنْ أَوْرَد ما إذا كانت الصيغة "أل"، قُلنا: إرادة العموم قرينة.

والحقُّ أنَّ السؤال لا يَرد؛ لأن الأصل عند الأصوليين في "أل" العموم؛ فلهذا لم يقصروه على سببه، وعند النحاة الأصل العهد حتى يقوم خلافه. وقد سبق بيان ذلك في الكلام على صِيَغ العموم.

فإنْ قيل: فهلَّا كان السبب قرينة إرادة العهد في المعرَّف بِـ "أل" إذا وَرَدَ على سبب؟

قيل: السبب قرينة على إرادته بالعام، لا نَفْي إرادة ما سواه مِن أفراد العام؛ إذ ليس في السبب ما يثبته ولا ما ينفيه. بل التحقيق أنَّ العدولَ عما يقتضيه السبب من الخصوص إلى العموم دليلُ إرادةِ العمومِ كما سبق بيانه.

وأشار إليه الزمخشري في سورة "البقرة"، فقال: (فإنْ قلتَ: كيف قيل: {مَسَاجِدَ


(١) الإبهاج (٢/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>