التاسع: المراد بالسبب الأمر المقتضِي للجواب عن السؤال أو عن الواقعة. أي: الداعي لذلك، لا المقتضي للحُكم في الشخص كما في "زَنَا ماعز؛ فَرُجِم".
وكلام الشافعي في "اختلاف الحديث" في بئر بُضاعة مُصرِّح بأنه ليس المراد بالسبب عَيْن ما وقع الحكم بسببه، بل هو أو مِثله أو ما هو أَوْلى بالحكم منه، حيث قال:(وكان العلم أنه على مِثلها أو أكثر منها)(١).
العاشر: قال القاضي: يجب أن تُترجم هذه المسألة بِـ: "اللفظ العام إذا وَرَدَ على سبب خاص" أو: "في سبب خاص"، ولا يقال:"عند سبب خاص".
قال: والفرق بينهما أنَّ "عند" ليس فيه تَعلُّق للسبب بالعام، ففرقٌ بين:"ضربتُ العبد على قيامه" و "ضربته عند قيامه".
الحادي عشر: مِن المسائل التي يعاكس فيها أبو حنيفة والشافعي أصليهما: ذهاب الشافعي ومالك إلى أنَّ التحلل في الحصر في الحَج مخصوص بحصر العَدُوِّ، ومنعاه في المرض؛ لأن قوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦] نزل في الحديبية وكان الحصر بِعدو، فاعتبرَا خصوص السبب.
وخالفهما أبو حنيفة في ذلك، فاعتبر عموم اللفظ؛ لأن الآية دالة على جواز الخروج مِن الحَج بالعُذْر، فإنَّ "الإحصار" عند المعتبَرين مِن أهل اللغة موضوع لإحصار الأعداء، و "الحصر" موضوع لحصر الأعذار.
قال الشيخ عز الدين: (ولا يحسُن أن يقال: إن محل السبب يقتضي حصر العدو؛ لأن اللفظ إذا دل على حصر العدو، كان دلالته على حصر الأعذار مِن طريق الأَوْلى. فنزلت على إحصار العَدُوِّ بمنطوقها وعلى إحصار العُذْر بمفهومها، فتناولت الأمرين جميعًا. فإنْ قيل: