للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن يقارن الخاص العام، كما لو قال - صلى الله عليه وسلم -: "زكوا البقر ولا تزكوا العوامل"، فالخاص هنا مُقدَّم على العام بالإجماع كما قاله الشيخ أبو حامد والقاضي عبد الوهاب وأبو بكر الرازي؛ لأن الخاص بيَّن العام وخصَّصه بما أريد به.

قال أبو بكر الرازي: (هو معه كالاستثناء مع المستثنى منه بلا خلاف، كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] الآية، وعقَّبها بقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} [المائدة: ٣] فخص حالة الاضطرار قبل استقرار حكمها) (١).

نعم، في "المحصول" أنَّ بعضهم ذهب إلى أن ذلك القدْر مِن العام يعارض الخاص، أي: فيرجح بمرجِّح أو يوقف. وعزاه ابن السمعاني للقاضي أبي بكر.

الثاني: أن يكون العام مقارنًا للخاص، نحو أن يقول: "لا زكاة فيما دون خمسة أوسق"، ثم يُعقِّبه بقوله: "وفيما سقت السماء العشر". فإنه عام في الخمسة أوسق وفيما دُونها، فهذا لا يمكن فيه النسخ؛ لأن شرطه التراخي، وهو هنا مقارن؛ فَيتَعَيَّن بناء العام على الخاص. وأما إذا جُهل التقدم أو التأخر في أحدهما، فعند الشافعي وأصحابه أنَّ الخاص منهما يخص العام، وهو قول الحنابلة، ونقله القاضي عبد الوهاب والباجي عن عامة أصحابهم، وبه قال القاضي عبد الجبار وبعض الحنفية.

وذهب أبو حنيفة وأكثر أصحابه إلى التوقف إلى ظهور التاريخ أو إلى ما يرجِّح أحدهما أو يرجع إلى غيرهما. ويحكَى أيضًا هذا عن القاضي أبي بكر وعن الدقاق.

والحاصل أن [كُلًّا مِن] (٢) الإمامين الشافعي وأبي حنيفة جارٍ في هذه الحالة على أصله؛ لأن عند الشافعي العمل بالخاص دائمًا, ولا يضر كونه في بعض الصور نسخًا.


(١) الفصول في الأصول (١/ ٤٠٦).
(٢) في (س، ت، ض): كلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>