للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأبو حنيفة لما كان ينسخ الخاص بالعام المتأخر ويخصص بالخاص المتأخر أو ينسخ به فالأمر عند الجهل دائرٌ بين أن يكون الخاص منسوخًا أو مخصِّصًا أو ناسخًا. فعند التردد يجب الوقف.

وقد لخصتُ مذهب الشافعي في هذه الأقسام بقولي: (وَ [قَبْلَ وَقْتِهِ] (١) يُخَصُّ مُطْلَقَا) إلى آخره.

وأما إذا كان أحد النَّصين أَعَم مِن الآخَر مِن وَجْه وأَخَص من وجه، فليس تخصيص عموم أحدهما لعموم الآخر بأَوْلى مِن عكسه؛ فيُطْلَب الترجيح من الخارج.

وهو معنى قولي: (فَيَطْلُبُ التَّرْجِيحَ مَن لِذَاكَ أَمْ). أي: مَن قصد معرفة الراجح مِن هذين المتساويين فيما ذكرناه.

مثاله قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن بَدَّل دِينه فاقتلوه" مع نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء (٢). فإن الأول خاصٌّ بالمرتدين، عامّ في الرجال والنساء، والثاني خاصٌّ بالنساء، عامٌّ في الحربيات والمرتدات.

قال ابن دقيق العيد: (وكأنَّ مرادهم بالترجيحِ الترجيحُ العام الذي لا يخص مدلول العام، كالترجيح بكثرة الرواة وسائر الأمور الخارجة عن مدلول العموم من حيث هو). انتهى

لكن صاحب "المعتمد" حكى عن بعضهم أن أحدهما إذا دخله تخصيص مجُمَع عليه، كان أَوْلى بالتخصيص، وكذا إذا كان أحدهما مقصودًا بالعموم، فإنه مرجَّح على ما كان عمومه اتفاقًا.


(١) في (ض، ش): قيل وفيه. وفي (ن ٣، ن ٤): قيل وقته.
(٢) صحيح البخاري (٢٨٥٢)، صحيح مسلم (١٧٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>