أحدها: لم يحكوا عن الحنفية في هذا القسم الأخير التفصيل بين معرفة التاريخ في المتقدم أو التأخر والمقارنة حتى يكون المتأخر ناسخًا كما ذكروه في الأقسام التي قبله، ولكنه قياس ذلك، فلا يبعد أن يقولوا به.
الثاني: جَعْل الحنفية الخاص المتأخر عن الخطاب قبل دخول وقت العمل ناسخًا لِمَا قابله مِن أفراد العام -مُفَرَّع على قولهم: إنَّ دلالة العام على كل فرد من أفراده قطعية.
وقد سبقت المسألة في موضعها، وكذلك أشار إليه إلْكِيَا، فقال: خلافهم مبني على قولهم في العام الذي لم يدخله التخصيص: إنه نَصٌّ في الاستغراق حتى لا يجوز تخصيصه بالقياس.
الثالث: قال ابن دقيق العيد: إن شرط البناء في الأقسام السابقة -غير الأخير- التنافي في الكل أو في موضع الخاص. أما إذا لم يحصل التنافي، فلا.
قال: وكذا القول في حمل المطلق على المقيد. وعلى هذا فإذا ورَدَ عام وخاص في طرف النفي والنهي، فلا يُبْنى العام على الخاص ولا يُقيَّد المطلق. كما في نهيه عن مَس الذكَر باليمين في الاستنجاء، والنهي عن مَسِّه باليمين مطلقًا. فيبقى ذلك على عمومه؛ لدلالته على النهي في محل لا يدل ذلك الآخَر عليه. هذا إذا قلنا بتعدد الحديث. أما إذا قُلنا: حديث واحد اختلفت الرواية في لفظه، فلا.
الرابع: لهذه المسألة عُلْقَة أيضًا بباب التراجيح، لكن عُلْقتها هنا أقوى، فتذكر هنا غالبًا كما سبق نظير ذلك في تَعارض قول النبي - صلى الله عليه وسلم - مع فِعله. والله أعلم.