ولا يقال: كان ينبغي -إذا كانت داخلة في تعميم التشبيه بالعام والخاص من حيث إنَّ العام محمول على الخاص والمطلق محمول على القيد -أن لا تُفْرَد بالذكر.
لأنَّا نقول: تخالفهما مِن وجوه أخرى، وهي أنَّ لنا هنا مَن يرى يحمل المقيد على المطلق، ولا قائل هناك يحمل الخاص على العام.
وأيضًا فالحمل هناك للعام على غير المُخرَج بالتخصيص، وهنا بالعكس، العمل هنا للمطلق على نفس المقيد.
وأيضًا فمِن أقسام ورود المطلق والمقيد ما قد يكون فيه تخصيص، وما يكون حملًا لا تخصيصًا.
وأيضًا فالحمل هنا بطريق القياس على رأيٍ، وغير ذلك من الأحكام الآتي بيانها، فاحْتِيجَ للإفراد بالذكر.
فإذا ورد مطلَق فقط أو مقيَّد فقط فحُكمه واضح، أو مطلق في موضع ومقيد في آخَر، فقصر المقيد على قيده يَطرقه الخلاف السابق في المفاهيم.
وأما تقييد المطلق بقيد المقيد فهو المراد هنا، لكن شرط فيه الماوردي والروياني أن يكون القيد معمولًا به، نحو:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ}[النساء: ٤٣] الآية، فالمرض والسفر شرط في إباحة التيمم.
فأما إذا لم يكن معمولًا به، فلا يُحمل عليه المطلق قطعًا، كقوله تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}[النساء: ١٠١] فليس الخوف شرطًا في القصر.
وإهمال الأصوليين هذا الشرط إنما هو لوضوحه، وحينئذٍ فللمطلق والمقيد بشرطه أحوال: