للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأُولى: أنْ يتحد حُكمهما والوجِب للحكم وهُما مُثبَتان أو ما في معنى الإثبات، وهو الأمر، نحو: (إنْ ظاهرتَ فأعتِق رقبة)، وفي موضع آخَر: (فأعتق رقبة مؤمنة). فهذا يُحمل فيه المطلَق على المقيَّد اتفاقًا كما قاله القاضيان أبو بكر وعبد الوهاب، وابن فورك وإلْكِيَا وغيرهم.

وممن نقل موافقة أبي حنيفة في ذلك أبو زيد في "الأسرار" وأبو منصور الماتريدي في "تفسيره" وغيرهما؟ ولهذا حمل قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: ١٩٦] على قراءة ابن مسعود: "متتابعات"، أي: إذا قيل: إنها قراءة. وأما إذا قلنا: (تفسير منه باجتهاده) كما يقوله أصحابنا، فلا.

ومن ذلك إطلاق تحريم الدم في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣] , وفي موضع تقييده بالمسفوح حتى يكون الدم غير المسفوح من الباقي على اللحم والعظام غير منهي عنه كما قاله النووي في "شرح المهذب" نقلًا عن الثعلبي في "تفسيره"، قال: (وهو مِن كبار أصحابنا، وقَلَّ مَن تَعرض للمسألة، وهو أمر مهم؛ لمشقة الاحتراز فيه؛ ولأن الله لم يَنْهَ إلا عن الدم السفوح وهو السائل) (١). انتهى

قلتُ: وكذا قال البغوي وابن القشيري في "تفسيرهما" وغيرهما أيضًا من المفسرين. بل نقل ابن عطية الإجماع على حِل الدم المخالِط للحم.

لكن في كل ذلك نظر؛ ففي "النهاية" لإمام الحرمين في "باب الرهن" أنَّ مذهب الشافعي الحكم بنجاسة الدم حالة تخلله في العروق.

وضَعَّف الإِمام اشتراط السفح بأنه ليس في سفحه وخروجه من اللحم والعروق ما يقتضي تنجسه بخصوصه، ولو كان التحريم مُقيدًا بالمسفوح لَمَا احْتِيجَ إلى استثناء الكبد


(١) المجموع شرح المهذب (٢/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>