ونقله إمام الحرمين عن بعض أصحابنا، لكنه رَدَّه بقوله:(إن أقرب طريق هؤلاء أن كلام الله تعالى في حُكم الخطاب الواحد؛ فيترتب فيه المطلق على المقيد).
قال:(وهذا من فنون الهذيان؛ فإنَّ قضايا الألفاظ في كتاب الله تعالى مختلفة متباينة، لبعضها حُكم التعلق والاختصاص ولبعضها حُكم الانقطاع. فمَن ادَّعَى تنزيل جهات الخطاب على حُكم كلام واحد مع العلم بأنَّ في كتاب الله تعالى النفي والإثبات والأمر والزجر والأحكام المتغايرة، فقد ادَّعَى أمرًا عظيما)(١). وأطال في ذلك.
والمذهب الثاني: أنه لا يحمل عليه بنفس اللفظ، بل بدليل آخَر من قياس ونحوه، كما يخصَّص العموم بالقياس. فإنِ انتظم قياس بشروطه أو غيره كذلك قُيِّد به وإلا فالمطلق باقٍ على إطلاقه والمقيَّد على تقييده. وهذا هو الأظهر مِن مذهب الشافعي كما قاله الآمدي وصححه هو والإمام الرازي وأتباعهما.
وإليه أشرت بقولي في النظم:(أَيْ: بِالْقِيَاسِ حُمِلَا). فيحتاج كل حَمْلٍ إلى عِلة جامعة يقع بها الإلحاق.
ففي المثال السابق -وهو تقييد الرقبة بالإيمان- الجامِعُ كَوْنُ كل منهما كفارة، وفي تقييد اليدين في التيمم بالمرافق الجامعُ أنَّ كلًّا منهما طهارة في حدث في أعضاء منها اليدان.
وممن ذهب إلى هذا القول القفال الشاشي، ونقل عن ابن فورك، وصححه الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني والقاضي أبو الطيب والشيخ أبو إسحاق وإمام الحرمين وابن القشيري والغزالي وابن برهان وابن السمعاني.