واختاره القاضي أبو بكر ونَسبه للمحققين، وقال: لو كان تقييد المطلق لِتَقيُّد المقيَّد، لجاز إطلاق المقيَّد لإطلاق المطلَق، وهو لا يجوز إجماعًا. أي: لأن الذي لا يحمل المطلق على المقيد يعمل بالمقيد في محله بلاشك.
ونقله الماوردي أيضًا عن ابن أبي هريرة، ونقله القاضي عبد الوهاب عن جمهور المالكية وغيرهم، ونقله الأستاذ أبو منصور عن ابن سريج، ونقله الروياني عن بعض أصحابنا وضعَّفه كما ضعفه الماوردي، ونُقل عن كثير غير هؤلاء.
على أنَّ بعض المتأخرين زعم أن هذا كله لا يقاوم ما سبق من النقل في المذهب الذي قبله عن نفس الشافعي ومذهبه وهُم أعرف بذلك.
لكن في "مناقب الشافعي" لابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى: (سمعت الشافعي يَعِيب على مَن يقول: لا يُقاس المطلَق من الكتاب على المنصوص. وقال: يلزم مَن قال هذا أنْ يُجيز شهادة العبيد والسفهاء؛ لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قال:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، وقال في موضع آخر:{وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}[البقرة: ٢٨٢]. قال: ولكن المطلق يقاس على المنصوص في مِثل هذا، فلا يجوز إلا العدل). انتهى
وهو صريح في أن الحمل بالقياس.
وقال ابن برهان: كل دليل يجوز تخصيص العموم به يجوز تقييد المطلق به، وما لا فلا؛ لأنَّ المطلق عام مِن حيث المعنى، فيجوز التقييد بفعله عليه السلام وتقريره - خلافًا لبعضهم - وبمفهوم الخطاب.
وقال ابن فورك وإلْكِيَا والقاضي عبد الوهاب: إنَّ القائلين بأنه قياس اختلفوا: هل القياس تخصيص للمطلق؟ أو زيادة فيه؟ والصحيح الأول، صححه عبد الوهاب وغيره.
وفي "المنخول" للغزالي: (إن القائلين بالقياس اختلفوا، فقيل: لا يجوز الاستثناء من محل