قلتُ: يجوز أن يكون ذلك لتوجه المعنى، فيلحق قياساً لما سبق من اشتراط نفي الدليل على العمل بالمطلق مطلقًا.
الثالث: اللفظ المطلق إذا تَطرق إليه التّقييد، حكى فيه السمناني في "الكفاية" الخلاف في الاحتجاج بالعام بعد التخصيص.
وفيه نظر؛ فإن المطلَق هنا صار بعد التّقييد مرادًا به المقيَّد ليس إلَّا، وإلا فلا فائدة في الحمل. إذْ لو قِيل بالعمل بالمطلَق فيما بقي من الأفراد، لم يتحقق حَمْلُ المطلَق فيه على المقيَّد.
الرابع: قال ابن دقيق العيد في "شرح الإلمام" في قولهم: (إنَّ المطلَق يُكتفَى بالعمل به مَرة، فلا يكون حُجَّة فيما زاد): إنَّه إنْ أُرِيدَ يُكتفَى به فِعلاً فمُسلَّم، أو حَمْلًا عليه فممنوع. فإذا قال:"أَعتِق رقبة" وأعتقت، لا يَلزم إعتاق أخرى؛ لحصول المقصود مِن غير أن يكون هناك عموم. وكذا "إنْ دخلتِ الدار فأنتِ طالق" فدخلت مرَّة، انحلت اليمين، بخلاف ما إذا قال:"أعتق رقبة" وحملناها على المؤمنة، فإنَّه يمتنع إجزاء الكافرة. والله أعلم.