قبل انقضائه واقعًا على خِلاف الحكم الثابت، وهو مُحَال. كذا قاله السبكي.
وفيه نظر؛ لإطلاق العلماء أنَّ الفعل ناسخ ومخصِّص، ولا يقال: تضمن ناسخًا ومخصِّصًا.
وأما ما تعلق به مِن كون الفعل له أوقات متعاقبة فمُسلَّم، ولكن نحن نقول بابتداء الفعل وَقَعَ النَّسخ، ولكن لم يُعْلم حتى انقضى الفعل، فلا يتضمن سَبْق شيء آخَر على الفعل.
وإنما احتجنا لمثل ذلك في قولنا:(الإجماع على خلاف نَص يتضمن ناسخًا)؛ لأن النسخ لا يكون بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا أجمعوا، عَلِمْنَا أنَّ ثَمَّ ناسخًا كان قبل وفاته.
وأما إذا أجمعت الأُمَّة على قولين وقُلنا:(إنَّ الحكم في العامِّي أنْ يأخذ بما شاء من القولين) ثم إذا مات أحد الفريقين أو رجعوا للفريق الآخَر وقُلنا: (صار إجماعًا)، فقد تَغيَّر الحكم الذي ثبت بعد وفاته بحكم ثبت بَعْده، فليس مِن قبيل النسخ، بل كان الحكم خفيًّا ثم ظهر بالإجماع، والتخيير إنما كان لخفائه وللانحصار فيهما.
فإنْ قلتَ: سيأتي مِن أقسام النَّسخ أنه يُنسخ اللفظ ويبقى الحكم وليس فيه رَفْع حُكم، بل رَفْع لفظ.
قلتُ: تَضمن رَفْع أحكام كثيرة، كالتعبد بتلاوته، وإجراء حُكم القرآن عليه في منع الجُنب ونحوه مِن قراءته ومَس المُحْدِث إياه وحَمْله، وإبطال التلفُّظ به الصلاة، وغير ذلك.
وقد حكى ابن الحاجب وغيره تعريفات أخرى للأئمة زيَّفوها، فلا حاجة للتطويل بها. بل وتزييفها يُعْرَف مِن تَأمُّل التعريف الصحيح وما وَقَعَت به المخالفة، فالاشتغال بأهم مِن ذلك أَوْلى.
فإنْ قيل: التخصيص منه ما هو نَسخ (كالواقع بعد زمان الفعل) وغَيْر نسخ (وهو