لما انتهى الكلام في النسخ لقرآن أو لسُنة أو بهما، شرعتُ في نسخ الإجماع أو كونه ناسخًا.
فأما نسخ الإجماع فواضح المنع؛ لأن الإجماع لا يكون في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما سبق ذِكره في بابه، والنسخ إنما يكون بإعلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. فإذا وقع الإجماع بعد وفاته، فلا يمكن أن يأتي بعده ناسخ.
وأما النسخ لشيء مما سبق مِن كتاب أو سُنة بالإجماع فتقع صورة، لكن في الحقيقة حيث وُجِد إجماع على خِلاف نَص فيكون قد تَضمَّن ناسخًا، لا أنه هو الناسخ. وعليه ينزل كلام الشافعي الذي حكاه البيهقي في "المدخل" أن النسخ كما يثبت بالخبر يثبت بالإجماع.
أما ما ذكرناه في مستند المسألة الأُولى فهو ما قاله ابن الصباغ وسليم وابن السمعاني وأبو الحسين في "المعتمد" والإمام الرازي وأتباعه؛ بِناءً على ما سبق من أن الإجماع لا ينعقد في زمانه؛ لأنَّ قولهم بدونه لاغٍ، ومع قوله لا يُحتاج إليهم، والحجة إنما هي قوله.
وأما الإجماع إذا انعقد بَعده:
- فلا يمكن نسخُه بالكتاب والسُّنَّة؛ لعدمهما بعد وفاته.