للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: (وأما الثاني فلأنَّ ما بعده -قطعيًّا كان أو ظنيًّا- تَبيَّن زوال شرط العمل به. وأما القياس المقطوع فيُنسخ بالمقطوع في حياته - صلى الله عليه وسلم -، وأما بَعده فيتبين أنه كان منسوخًا) (١).

أي: ولا سبيل إلى إنشاء النسخ؛ لِمَا سبق تقريره.

وقولي: (إنْ نَاسِخٌ لَهُ قِيَاسٌ نبَذَا) أي: إنْ كان الناسخ له قياس آخَر نبذ ذلك القياس الأول. أي: طرحه وألغَى حُكمه.

وقولي: (وَالنَّسْخُ لِلْأَصْلِ فَرَفْعٌ أَصْلَا) إشارة إلى أن النسخ إذا ورد على الأصل المقيس عليه، ارتفع القياس معه بالتبعية. والمخالِف فيه الحنفية، جوَّزوا صوم رمضان بِنِيَّة من النهار بالقياس على ما كان في صوم يوم عاشوراء من الاكتفاء بِنِية من النهار حين كان واجبًا على معتقدهم ذلك مع زوال فرضيته بالنَّسخ، وأبقوا الفرع على حاله.

لكن ليس هذا نَسخًا للقياس، بل رفع لنص، فلا يكون إلا بنص؛ لأن النص لا يُنسخ بقياس كما سبق.

وما أحسن تعبير ابن الحاجب عن هذه المسألة بقوله: (المختار أنَّ نَسخ حُكم أصل القياس لا يبقى معه حُكم الفرع) (٢).

فعبَّر بقوله: الا يبقى) ولم يُعبِّر بالنسخ كما وقع في كلام بعضهم تسمية ذلك "نسخًا"، وليس بجيد؛ لأن الحكم إذا زال بزوال عِلته، لا يقال: إنه منسوخ.

وعبارة إمام الحرمين في ذلك: إنه يتداعى ذلك إلى ارتفاع القياس المستنبَط منه.

وهذا معنى قول ابن الحاجب: (لا يبقى).


(١) مختصر المنتهى مع شرحه (٢/ ٥٥٣).
(٢) مختصر المنتهى مع شرحه (٢/ ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>