للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاتفاق على الجواز، لكن انتُقد بوجود الخلاف، حكاه الشيخ أبو إسحاق في "شرح اللمع" بناءً عَلى أن الفحوى قياس، والقياس لا يكون ناسخًا. وحكاه ابن السمعاني عن الشافعي؛ لأنه يقول بأن الفحوى قياس، والقياس لا يَنسخ النص.

قلت: فإنْ كانت حكايته الاتفاق بناءً على أنه ليس مِن باب القياس، فلا انتقاد عليهما بالمنع تفريعًا على أنه قياس.

وقد نَصَّ القاضي في "مختصر التقريب" على المنع أيضًا كما هو مختار الشيخ أبي إسحاق.

وقولي: (وَفي الْمُخَالَفَهْ) إلى آخِره -إشارة إلى أن مفهوم المخالفة هل يُنسخ أو يُنسخ به؟

أما نسخه فيجوز نسخ حُكم المسكوت الذي هو مخالف للمذكور مع نسخ الأصل ودُونه. ذكره القاضي عبد الوهاب وغيره؛ فقد قالت الصحابة - رضي الله عنهم -: إنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الماء من الماء" (١) منسوخ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل" (٢) مع أن الأصل باقٍ، وهو وجوب الغسل بالإنزال.

وأما نَسخ الأصل بدون مفهومه الذي هو نحالِف له حُكمًا، فذكر الصفي الهندي فيه احتمالين.

قال: (وأظهرهما أنه لا يجوز؛ لأنه إنما يدل على ضد الحكم باعتبار ذلك القيد المذكور، فإذا بَطُل تأثير ذلك القيد، بَطُل ما يُبْنَى عليه. وعلى هذا فنسخ الأصل نسخٌ للمفهوم


(١) صحيح مسلم (رقم: ٣٤٣).
(٢) مسند أحمد (٢٦٠٦٧)، سنن ابن ماجه (رقم: ٦٠٨)، صحيح ابن حبان (١١٨٣)، وغيرها. قال الألباني: صحيح. (التعليقات الحسان: ١١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>