للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحكم، والترتيب للتلاوة.

ومنها: تَأخُّر إسلام راوي أحد الدليلين لا يدل على أن ما رواه ناسخٌ للآخَر؛ لجواز أن يكون تَحمله قبل الإِسلام.

وأما حديث جرير في "الصحيحين": "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَالَ، ثم توضأ ومسح على خُفيه" (١). قال إبراهيم النخعي: "كان يعجبهم هذا الحديث؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة". فوجْه إعجابهم أن آية الوضوء في المائدة لا تكون ناسخة لحديثه؛ لِتأخُّر حديثه مع احتمال أنه تَحمل قبل إسلامه.

لكن يُبْعِده أن المخالِط للنبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يَعلم طهاراته وكيفيتها إنما يكون غالبًا مُسلمًا.

وفي "الحاوي" للماوردي أن رواية أبي داود عن عمرو بن [جرير] (٢) البجلي أن جريرًا لما مسح على خُفيه قال: "ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح؟ ". قالوا: "إنما كان ذلك قبل نزول المائدة"، فقال: "ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة" (٣).

وهذا صريح في أنه لم يَر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح إلا بعد إسلامه بعد نزول المائدة.

قولي: (وَلَا الَّذِي مِنَ ايَتَيْنِ) حذفتُ الهمزة من "آيتين"، للضرورة. وصدر صلة "الذي" محذوف، أي: ولا الذي هو مؤخَّر مِن آيتين. والله أعلم.


(١) صحيح البخاري (رقم: ٣٨٠)، صحيح مسلم (رقم: ٢٧٢).
(٢) في (ص، ق): (جريج). ورواية أبي داود إنما هي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، وكذلك في (الحاوي الكبير، ١/ ٣٥١).
(٣) سنن أبي داود (رقم: ١٥٤). قال الألباني: حسن. (صحيح أبي داود: ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>