ورُدَّ عليهم بأن العلماء قاسوا:(أنتِ علَيَّ حرام) إما على الطلاق في تحريمها أو على الظهار في وجوب الكفارة أو على اليمين في كونه إيلاء. ولم يوجد في ذلك نَص يدل على الحكم، لا جُملةً ولا تفصيلًا.
وقولي:(وَلَا انْتِفَاءُ نَصٍّ) أي: ولا يشترط أيضًا انتفاء نَص على حُكم الفرع بحكم يوافق الحكم الذي يُراد إثباته بالقياس عند الأكثرين، خلافًا للغزالي والآمدي؛ للاستغناء بالنص؛ ولهذا في قصة معاذ كان القياس فيها مُرتبًا بِـ"إنْ" الشرطية على فقدان النص، وهي أصل في مشروعية القياس.
وجواب ذلك: أن المراد تَعَيُّن القياس عند الفقد، وأما عند وجوده فيكون مِن اجتماع دليلين؛ إذ لا يمتنع تَرادُف الأدلة على مَدلول واحد.
وأيضًا: فبالقياس تُعرف علة الحكم، وهو معنى قولي:(فَإنْ أَتَى)، أي: نَصٌّ على وَفْق القياس، كان على ذلك الحكم في الفرع دليلان: النص، والقياس. وهو معنى (فُصِّلَا).
وقد فُهِم مِن القيدين المذكورين في المسألة أمران:
أحدهما: أن يكون النص الدال على حكم الأصل هو الدال على ذلك في الفرع بِعَيْنه، وذلك خارج بقولي:(بِوَفْقِهِ)، فإنه يقتضي المغايرة؛ ضرورة تَغايُر الموافِق للموافَق. فالقياس حينئذٍ باطل؛ إذ ليس ما ادُّعِي أنه أصل وأنَّ الآخر فرع بِأَوْلى مِن عكسه.
كما لو قِيس السفرجل على العنب في جريان الربَا فيه بِعِلة الطعم، فيقال: النهي عن بيع الطعام بالطعام شامل للأمرين، فجَعْل أحدهما أصلًا والآخَر فرعًا تَحَكُّم.
وكما لو قيس منع قَتْل المسلم بالذمي على مَنْعه بالحربي بأنَّ كُلًّا منهما فيه قَتْل "مَن فُضِّل