للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالإِسلام" بِغَيْره، فيُقال: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقتل مؤمن بكافر" (١) نصٌّ شامل لهما. وهذا معنى قول البيضاوي: (وَأَنْ لَا يتنَاوَل دَليلُ الأصْلِ الفَرعَ، وَإلِاَّ لضَاعَ القِيَاسُ) (٢). وعليه يحمل قول ابن الحاجب فيما يشترط في الفرع: (وأن لا يكون منصوصًا عليه) (٣). أي: بِعَيْنه، خلافًا لحمل بعض شَارِحِيه ذلك على المسألة السابقة وهي أنْ يكَون النَّص موافقًا لنص الأصل، لا عَيْنه.

الأمر الثاني: أن يكون النص في الفرع على خلاف الحكم المراد إثباته بالقياس؛ لأن القياس حينئذٍ باطل، إذ القياس لا يُقدَّم على النص. لكن القياس في نفسه صحيح إلا أنه مُلْغًى لا يُعمل به؛ ولذلك يقال: إذا تَعارَض القياس والنص، فالنص مُقَدَّم؛ لأن التعارُض إنما يكون عند صحة المتعارِضَيْن. ففائدة القياس التمرين ورياضة الذهن، وهو معنى قوله في "جمع الجوامع": (إلا لتجربة النظر) (٤).

قلتُ: ولكن فيه النظر الذي سبق آخِر الكلام في الأصل.

ومما شُرط في الفرع أيضًا وليس بِمَرْضِيٍّ: أن لا يكون الفرع سابقًا على الأصل؛ لأنَّ المستفاد لا بُدَّ مِن تأخُّره عن المستفاد منه وإلا لتناقض فَرْض تَقدُّمه مع تأخّره، فلا يُقاس الوضوء على التيمم في وجوب النية؛ لأنَّ ورود التيمم بعد الهجرة والوضوء قبلها.

وردَّه ابن الصباغ بأنه لا يمتنع أن الشيء عليه أمارات متقدمة ومتأخرة، كمعجزات النبي - صلى الله عليه وسلم -، منها مقارِن لنبوته ومنها ما هو بعد ذلك.


(١) سبق تخريجه.
(٢) منهاج البيضاوي (ص ٢٢٠) بتحقيقي.
(٣) مختصر المنتهى مع شرحه (٣/ ٨٣).
(٤) جمع الجوامع (٢/ ٢٧٠) مع حاشية العطار.

<<  <  ج: ص:  >  >>