وحكى الشيخ أبو إسحاق في "شرح اللمع" وجهًا أنه لا يجوز القياس على ما ثبت بالإجماع إلا أن يُعْلَم النص الذي أجمعوا لأجله، فإنه يعود إلى قياس على ما ثبت بالنص.
قلتُ: وله قوة من حيث إن الإجماع قد يكون عن قياس، وسيأتي المنع فيه، وهو قولي:(لَا مِنَ الْقِيَاسِ)، فلا يجوز القياس على ما ثبت حُكمه بقياس على قول الجمهور من أصحابنا والحنفية. وخالف فيه الحنابلة وبعض المعتزلة كأبي عبد الله البصري.
لنا: أن العِلة الجامعة بين القياسين إنْ كانت واحدة فيهما، فالقياس في الحقيقة على أصلِ الأول، وذِكْر الأصل الثاني تطويلٌ بلا فائدة؛ للاستغناء عنه بقياس الفرع الثاني على الأصل الأول.
مثاله: لو قال الشافعية: (الوضوء عبادة، فيشترط فيه النية؛ قياسًا على الغسل). ثم قاسوا الغسل في اعتبار النية فيه على الصلاة والصوم بجامع كونه عبادة، فَرَدّ الوضوء إلى الصلاة والصوم مِن الابتداء هو الوجه.
وكقياس التفاح على السفرجل بجامع الطعم بَعْد قياس السفرجل على البُر المنصوص بجامع الطعم.
وإنْ كانت العلة في القياسين مختلفة، لم ينعقد القياس الثاني؛ لانتفاء علة الحكم فيه؛ لأنَّ الفرض أنَّ العِلة الأُولى هي عِلة الحكم ولم توجد في الفرع الثاني.
كما يقال مِن جانِبِنا:(الجذام عيب يُفسخ به البيع، فيُفسخ به النكاح؛ قياسًا على الرتَق والقرن)، ثم يُقاس مثلًا القَرن على الجب في الحكم المذكور بجامع فوات الاستمتاع. فإنَّ عِلة ثبوت الحكم في القرن فوات الاستمتاع وهو غير موجود في الجذام، فلا يصح قياسه عليه. كذا مَثَّل به ابن الحاجب.
قال ابن السبكي: (وهو على سبيل ضرب المثال، وإلا فَرَدُّ المجبوب عندنا إنما هو