للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما الثاني: فقد سبقت المسألة في القياس على مجمَع عليه، وسيأتي [فيها] (١) مزيد بيان.

ومن شروط حكم الأصل أيضًا ما أشرتُ إليه بقولي: (وَكَذَا عَنْ سَنَنِ الْقِيَاسِ لَيْسَ نُبِذَا) أي: يشترط في حكم الأصل المقيس عليه أن لا يكون مَعْدُولًا به عن سَنَن القياس، أي: طريقه المعتبَر فيه؛ لِتَعَذُّر التعدية حينئذٍ.

وذلك على ضربين:

أحدهما: لكونه لم يُعْقَل معناه، إما لكونه استُثْنِي من قاعدة عامة، كالعمل بشهادة خزيمة وَحْده فيما لا تُقْبَل شهادة الواحد فيه، أو لم يُسْتَثْنَ، كتقدير نُصُب الزكوات وأعداد الركعات ومقادير الحدود والكفارات.

والضرب الثاني: ما عُقِل معناه ولكن لا نظير له، سواء أكان له معنى ظاهر (كرُخَص السفر) أو غير ظاهر (كالقسامة).

كذا مثَّل به ابن الحاجب، لكن في "جَعْله القسامة معقولة المعنى وهو خفي بخلاف شهادة خزيمة ومقادير الحدود" نَظَر ظاهر.

نعم، إذا كان المعدول عن سَنن القياس خارجًا عن المعنى الملاحَظ في الشرع لا لمعنى فهو واضح. أما إذا شُرع ابتداءً لا لمعنى، فجَعْله من الخارج عن سَنن القياس مجاز؛ لأنه لم يدخل حتى يخرج. وإذا كان أيضًا خارجًا عن المعنى لمعنى (كالعرايا المخرَجة من الربويات؛ لحاجة الفقراء في الأصل)، لا يُقال فيه: "خارج عن سَنَن القياس" إلا مجازًا. نَبَّه على ذلك الغزالي في "المستصفى".

نعم، يقع البحث في أمور جُعلت خارجة عن سَنَن القياس من وجه آخَر.


(١) في (ت، س): فيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>