للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال صاحب "الخصال" من الحنابلة أنَّ الإمام أحمد نَص على التعليل به أيضًا.

واعْلَم أن الشيخ بدر الدين في "شرح جمع الجوامع" ذكر أمرين:

أحدهما: أنه جعل من التعليل بالاسم قِسمًا ثالثًا غير المشتق واللقب بعد أن فسر المشتق بأنه ما اشتق مِن فِعل، كالسارق والقاتل، فقال: (الثالث: اسم اشتُق مِن صفة، كالأبيض والأسود).

قال: (قال ابن السمعاني: فهذا مِن عِلل الأشباه الصورية، فمَن احتج بالشبه الصوري احتج به) (١).

وفيما قاله نظر من حيث إن مذهب البصريين أن الأفعال مشتقة من الاسم وهو المصدر، والكوفيون عندهم بالعكس، فلا توافق التفرقة بين ما اشتق من اسم وما اشتق مِن فِعل لا البصريين ولا الكوفيين. فإنْ أراد بما اشتُق مِن فِعل أنْ يُسْمَع له فِعل وبما اشتُق مِن اسم أنْ لا يُسْمَع له فِعل، فيقال: الأبيض والأسود ونحوهما من الألوان لها فِعل، [وهو: بيض وسَوِدَ] (٢)، قال الجوهري: (وقد سَوِدَ الرجُل، كما يقول: عَوِرَتْ عَيْنُه) (٣).

قال نُصَيْب (٤):

سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سوادي وتَحْتَه ... قميصٌ مِن القُوهِي بِيضٌ بَنائِقُه

وإنْ أراد أن الصفة المشبهة ليس من المشتق فممنوع؛ لأنه من أوصاف اسم الفاعل إلا أنه من اللازم. وكذا لو جعل "أَفْعَل" تفضيل، كما يقول: هذا أَسْوَد مِن هذا.


(١) تشنيف المسامع (٣/ ٢٣٠).
(٢) هذه العبارة ذُكرت هنا في (ت، هامش س)، لكن في سائر النُّسخ ذُكرت بعد قول نُصَيْب.
(٣) الصحاح (٢/ ٤٩١).
(٤) نُصيب بن رباح شاعر مشهور، توفي ١٠٨ هـ. (الأعلام، ٨/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>