وكأنَّ مراد ابن السمعاني أن السواد والبياض لا مناسبة فيهما بجلب مصلحة ودرء مفسدة؛ فيكون التعليل بهما ونحوهما من الشبه الصوري، لا أنَّ المدار على اشتقاقه من فِعل ولا اسم.
الثاني: قال: لك أن تسأل عن الفرق بين العلة القاصرة والتعليل بالمحل والتعليل بالاسم.
قال: والجواب أنَّ العلة القاصرة أعم من المحل؛ لأن المحل ما وُضع له اللفظ، كالخمر والبُر. والقاصرة وصف اشتمل عليه محل الوصف لم يوضع له اللفظ، كالنقدية، فكل محل علة قاصرة، وليس كل علة قاصرة محلًّا.
قال: (وأما الفرق بين المحل والاسم فقيل من وجهين:
أحدهما: أن المراد بالاسم الجامد الذي لا يُنبئ عن صفة مناسبة، بخلاف الخمر الدال على التخمير المناسب للتحريم. وهذا يشكل بالبر فإنهم جوَّزوا التعليل به وهو جامد.
والثاني: أن يكون المراد التعليل بالتسمية، نحو:"حرمتُ الخمر؛ لتسميتها خمرًا، والتفاضل في البُر؛ لتسميته بُرًّا" ونحوه؛ إذِ التسمية لا تأثير لها، بخلاف المعنى المستفاد من المحل بإشارة أو تنبيه. وربما التفت الكلام هنا إلى الاسم والمسمَّى هل هما واحد؟ أو متغايران؟ والمراد "المسمَّى" الذي هو مدلول الاسم، فحُكمه حُكم سائر العِلل، إنْ كان مؤثِّرًا أو مناسِبًا، عُلل به، وإلا فلا. ومَن أراد "الاسم" الذي هو اللفظ، لم يُعَلل به قطعًا) (١) انتهى
وفيه مناقشات:
أحدها: قوله في التفرقة بين المحل والقاصرة: (إنَّ القاصرة وَصْفٌ اشتمل عليه محل