للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر الثالث مما اشتمل عليه البيت:

تَعَدُّد العِلل والحكم المعَلَّل واحد، والتعدد فيه على وجهين:

أحدهما: أن يكون كلٌّ مِن ذلك المتعدد مستقلًّا بالعِلِّية لو انفرد.

والثاني: أن يكون أوصاف متعددة ولكن مجموعها عِلة، وكلُّ واحدٍ منها جزء علة.

والأمران جائزان؛ فلهذا أطلقتُ قولي في النَّظم: (وَعدد) وإن كان في الثاني مجازًا؛ إذ لا يقال: إنها عدد عِلل، بل عدد أجزاء عِلة واحدة. لكني قصدتُ إدخالها اقتصارًا؛ لأنهما في الحكم واحد، وهو الجواز.

وأيضًا: فإذا جاز تَعدُّد العلل المستقلة فلأنْ يجوز تَعدُّد أركان عِلة واحدة من باب أَوْلى.

فأما المسألة الأُولى:

فالمعلَّل بالعلل المتعددة إما أن يكون واحدًا بالنوع أو واحدًا بالشخص. فالواحد بالنوع يجوز تعدد عِلله بحسب تعدد أشخاصه بلا خلاف: كتعليل إباحة قتل زيد بِرِدَّته، وقتل عمرو بالقصاص، وقتل بكر بالزنَا، وقتل خالد بترك الصلاة.

وأما الواحد بالشخص فلا خلاف في امتناع تعدد العِلل العقلية فيه؛ لأنها بمعنى تأثير كل واحدة، والمؤثِّرات على أثر واحد مُحَال كما قرر في محله.

وأما العلل الشرعية فهي محل الخلاف. والصحيح فيها فمن المذاهب الجواز والوقوع، كتحريم وطء الحائض المعتدة المحرمة، وكالحدث بخروج مِن فرج وزوال عقل ومس فرج ولمس أجنبية، فإنَّ كل واحد من المتعددين المذكورين يُثْبِت الحكم مستقلًّا. وإنما كان كذلك؛ لأن العلة الشرعية بمعنى المعَرِّف، ولا يمتنع تعدُّد المعرف؛ لأن مِن شأن كل واحد أن يُعَرِّف، لا الذي وُجِد به التعريف حتى تكون الواحدة إذا عُرفت فلا تُعرف الأخرى؛ لأنه تحصيل الحاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>