الشرح: هذه المسألة مقابلة للمسألة السابقة، وهي أن تتحد العلة ولكن يتعدد المعلول فيكون أحكامًا مختلفة، وله صورتان: أنْ لا يكون المتعدد من الحكم فيه تضاد، أو يكون فيه تضاد.
فأما الأُولى: فذهب الجمهور فيها إلى أن العلة الواحدة الشرعية يجوز أن يترتب عليها حُكمان شرعيان مختلفان معًا؛ لأنَّ العلة إنْ فُسرت بالعَرِّف فجوازه ظاهر؛ إذ لا يمتنع عقلًا ولا شرعًا نَصْبُ أَمارة واحدة على حُكمين مختلفين، بل قال الآمدي: لا نعرف في ذلك خلافًا. كما لو قال الشارع: جعلت طلوع الهلال أَمارة على وجوب الصوم والصلاة، أو: طلوع فجر رمضان مُعرِّفًا لوجوب الإمساك من الصبح. وسواء أكان ذلك في الإثبات أو في النفي.
فمِن الإثبات ما مثَّلتُ به في النَّظم من السرقة، فإنها عِلة في القطع؛ لمناسبة زَجْر السارق حتى لا يعود، وفي غرامة المال المسروق لصاحبه؛ لمناسبته لِجَبْره. وهو كثير.
ومن العلة في النفي: الحيض؛ فإنه عِلة لمنع الصلاة والطواف وقراءة القرآن ومَس المصحف، ووطئها، وطلاق الزوج، وغير ذلك؛ لمناسبته للمنع من كل من ذلك. ولا بُعد في مناسبة وصف واحد لِعَدَد من الأحكام كما مثَّلنا.
وذهب شرذمة يسيرة إلى المنع من ذلك، قالوا: لِمَا فيه مِن تحصيل الحاصل؛ لأن الحكمة
(١) كذا في (ن ٣، ن ٤)، ويظهر لي أنَّ معناها: كَسَرقة تَقُود إلى القَطْع والغُرْم. وفي (ق، ص، ش، ن ٢، ٥): قايدة. وفي (ن ١): فائدة. وفي (ت): فايدة.