للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب بعضهم عن ذلك بأن وجه الرفع للنص في ذلك أن الزكاة تتعلق بِالعَيْن على الأرجح من أقوال الشافعي، فإذا جُوِّزَت القيمة، كان تعليقًا للزكاة بالذمة؛ فأبطل التعلُّق بِالعَيْن.

ويمكن أن يُفَرق بذلك بين هذا وبين مسألة الإيتاء في المكاتب، فيقال: الإيتاء لم يتعلق بعين ما يأخذه السيد، بدليل أنه لو أعطاه مِن غير الذي جاء به، جاز قطعًا.

ولكن فيه نظر؛ فإنه لو أعطى شاة مِن غير الأربعين بأنْ حَصَّلها للمستحق مِن خارج، فإنه يجوز قطعًا. وإنما فائدة تَعلُّقها بالعين ما لو تلف -قبل التمكن بعد الوجوب- منها شيءٌ، سقطت زكاته.

وجواب آخَر: أن الإبطال هو تغيير النص، ولا يجوز تغييره ولا سيما وباب الزكاة تَعبُّد.

ولا يخفَى ضعف هذا؛ فإنَّ التعميم والتخصيص [يُغَيِّران] (١)، وسيأتي أنهما جائزان.

فالإشكال قوي والأجوبة ضعيفة. وعُلم من اشتراط أن لا تَعُود العلة على النص بالإبطال أنها لو عادت بالتعميم أو بالتخصيص كان جائزًا.

أما عَوْدها بالتعميم فبِلا خلاف كما يستنبط من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقضي القاضي وهو غضبان" (٢) أن العلة تشويش الفكر؛ فتعدَّى إلى كل مُشَوِّش مِن شدة فرح ونحوه.

قال القاضي أبو الطيب الطبري: أجمعوا على أنه ليس لنا علة تعود على أصلها بالتعميم إلا هذا المثال، وذلك جائز بالإجماع.

وفيما قاله نظر؛ فقد وُجِد من ذلك كثير، نحو: النهي عن الصلاة وهو يدافع الأخبثين، والأمر بتقديم العشاء على الصلاة، فإنَّ العلة ترك الخشوع، فَيَعُم كل ما يحصل به ذلك. بل


(١) كذا في (ش)، لكن في (ت): تغييرات.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>